جغرافيا
الواحات البحرية
تقع الواحات البحرية فى الشمال الغربى من الصحراء الغربية وهى على مسافة 360 كم من الجيزة وجنوب شرق واحة سيوة بمسافة 320 كم وشمال واحة الفرافرة ب200كم ولا تربطهاطرق مرصوفة سوى بالجيزة والفرافرة ,وتعد الواحات البحرية اقرب الواحات المصرية الى عمران وادى النيل حيث تقع _ جغرافيا _ على مسافة 180 كم غرب محافظة المنيا
تعد زراعة اشجار النخيل هى فقط النشاط السائد فى المنطقة دون زراعات محصولية اخرى نظرا لتناقص مياه الآبار القديمة وعدم الاهتمام الاهلى بحفر آبار جديدة بالاضافة الى نزوع الشباب نحو العمل الحكومى والاستثمارى خاصة فى مجال العمل السياحى التى تشهد الواحات البحرية فيه طفرة كبيرة فى هذه المرحلة
يسكن الواحات البحرية 35 الف نسمة ( تعداد 2008 ) موزعون على مدينة الباويطى العاصمة والقصر التى اصبحت ملاصقة تماما لها وقريتى منديشة والحارة وقرية الزبو ( شرق الباويطى ) وقرى الحيز التى تقع جنوب الباويطى بمسافة 50 كم جنوب العاصمة على طريق الفرافرة ثم تأتى اخيرا ( مستعمرة ) مناجم الحديد وهى تضم خليط سكانى من وادى النيل بالاضافة الى نسبة سكانية ضئيلة من المحليين وتقع على مسافة 45 كم شرق الباويطى ( على طريق المسافر من الجيزة )
العمارة التقليدية فى الواحات البحرية
، تتفق العمارة التقليدية فى الواحات البحرية مع مثيلاتها من الواحات الاخرى فى كثيرا من العناصر فى الوقت الذى تختلف معها فى عناصر اخرى كما سنرى فى التفاصيل
والطوب اللبن وافلاق النخل وجريده وسعفه وليفه هى الخامات الاساسية لبناء المسكن التقليدى فى كل الواحات المصرية على وجه الحصر ولكن غالبا ما تأتى الفروق والاختلافات فى النمط المعمارى السائد فى كل واحة ومدى التأثر بالثقافات الوافدة على مدى تاريخ كل واحة على حدة بالاضافة الى الاختلافات الكثيرة فى عدد من الاسماء لمسميات واحدة
وسيتم تناول العمارة فى الواحات البحرية من خلال التقسيم التالى :
اولا : عمارة المسكن ( وهى عمارة البيوت بابعادها الطبقية والاجتماعية ونمط التخطيط للشوارع والحارات والسقائف )
ثانيا : عمارة العمل ( وتشمل عمارة مخازن المحاصيل الزراعية واماكن ايواء الحيوانات والحدائق والمحلات التجارية والاسواق )
ثالثا : العمارة العقائدية ( وتشمل دور العبادة والمقابر واضرحة المشايخ والقباب
اولا : العمارة السكنية
1_ الكتلة العمرانية
تشهد غالبية الواحات المصرية نمطا ثابتا فى شكل الكتلة العمرانية الكلية لكل واحة حيث تتفق فى معظمها على البناء فوق اعلى هضبة فى الواحة ويعود ذلك الى سيببين :
الاول: هوتعرض الواحة عادة الى هجمات البدو اللذين ظلوا طوال تاريخ الواحات وهم فى صراع دائم مع اهلها المستقرين ، ووجود الواحة على مرتفع جغرافى يسمح برؤية المهاجمين من مسافة بعيدة ، وهناك لاتزال باقية تلك الاسوار التى كانت تحيط بكل واحة حماية لها وتأمينا ضد هذه الغارات البدوية المعتادة –
الثانى : ان الواحة تعنى _ من حيث المعنى التضاريسى _ منخفض وسط الصحراء ، وبالتالى اقتراب سطح الارض من مستوى المياه الجوفية ، وهو مايؤدى الى تفجر العيون بسهولة طبيعية او بجهود بشرية ضعيفة ، وهو ما فرض على سكان الواحات ان تكون زراعاتهم فى هذه الوديان التى تقع اسفل الهضبة السكنية ، وذلك تجنبا لتعرض بيوتهم لهذه المياه الجوفية المتدفقة والتالى انهيارها خاصة وهى مبنية بالطوب اللبن
وربما كانت الواحات البحرية اوفر حظا عن باقى الواحات الاخرى فيما يخص السبب الاول والخاص بغارات البدو وذلك بسبب وقوعها فى اقرب نقطة جغرافية لوادى النيل وبعدها عن الحدود الغربية التى كانت على الدوام مصدرا منتظما لقلاقل البدو من قبائل الغرب الليبى
وبالتالى فان السبب الثانى متحقق تماما من حيث تجنب المياه الجوفية خشية انهيار المساكن ،
والكتلة العمرانية القديمة فى الباويطى تتركز فوق الهضبة المطلة على وادى البشمو ( اسم رومانى لمنطقة آبار وزراعات نخيل )
لذلك فان الواحات البحرية والباويطى العاصمة تخلو تقريبا من وجود آثار لاسوار قديمة محتملة مثل الواحات المصرية الاخرى ، وان كانت هناك اشكالا اخرى من الحماية والتأمين والتى تمثلت فى اقامة بوابات على مداخل التجمعات السكانية التى تضم افراد العائلات الممتدة ، وما تبقى منه حاليا فقط هو تجمع حارة السيوية ذات المدخل والمخرج الواحد والمحكومين ببوابات كانت فيما مضى تغلق من بدء المساء وحتى صبح اليوم التالى
2¬- الشوارع :
طرقات وشوارع وممرات مدينة الباويطى بالواحات البحرية القديمة ضيقة ودائرية واحيانا ما يصل اتساعها الى متر واحد الى مترين فقط
وترتفع وتنحدر ممرات الواحة تبعا للصعود والهبوط داخل الهضبة السكانية القديمة
كما توجد بعض ( السقائف ) فى حارة السيوية داخل الواحة القديمة ، وتعنى السقيفة الشارع المسقوف ( كما هو موضح بالصورة )
والمنطقة الزراعية فى الباويطى تكاد تنحصر فى المنطقة الواقعة شمال الواحة والتى يمتد طولها حتى المنطقة التى يطلق عليها حاليا ارض المطار وهى على مسافة عشر كيلو مترات من المدينة الحالية ، لذلك فاننا نلاحظ ان الامتداد العمرانى الجديد يتمدد فى اتجاهات الجنوب والشرق والغرب فقط دون الشمال الزراعى الغنى بالمياه الجوفية
لذلك فاننا نجد ان الكتلة العمرانية الحالية لمدينة الباويطى تنقسم الى قسمين متلاصقين :
القسم الاول : وهو البلدة القديمة الواقعة على هضبة حجرية شمال المعمور الحالى للواحة وتغلب عليه صورة العمارة التقليدية للواحات( الطوب اللبن ، ضيق الشوارع ، الطابق الواحد ، تلاصق البيوت مع اماكن ايواء الحيوانات ومخازن الاعلاف )
القسم الثانى : وهو الامتدادات العمرانية الطبيعية وهى التى يغلب عليها طابع التخطيط العمرانى الحديث من حيث نمط عمارة المسكن وخامات البناء واتساع الشوارع واستقامتها وهو ما ينتشر فى اتجاهات الشرق والجنوب والغرب على التوالى ، وان كنا نجد _ فى الوقت ذاته _ بعض صور ( الاحلال والتجديد ) داخل الكتلة القديمة ، بقيا م البعض من السكان بهدم بيوتهم الموروثة فى الكتلة القديمة واعادة بنائها بالنمط الحديث نظرا لارتفاع اسعار الاراضى فى مناطق العمران الجديدة ، بالاضافة الى قرب الكتلة القديمة من تجمعات الخدمات العامة للواحة ( ادارات حكومية ، اسواق ، مساجد ، مدارس --- الخ )
مضاف الى كل هذه الاسباب ان الطقس المعتاد فى منطقة الواحة القديمة هو الافضل على الاطلاق من حيث درجة الحرارة التى تقترب من الخمسين درجة فى معظم ايام الصيف ، وهو ما يدعم ويبرر على ارض الواقع اسباب اختيار السكان القدامى للواحة لهذه الهضبة لتكون مقرا مناسبا وآمنا لسكناهم –
3_ المسكن
تتسم العمارة التقليدية للمسكن فى الواحات البحرية_ بداية_ بالطابق الواحد ، ودون اسطح علوية ، ويكون مسطح المسكن مربعا اومستطيلا يتوسطه ( المشرع ) الذى يبدا من مدخل البيت وحتى قرب نهايته من الخلف ، ومنه تتوزع الغرف والمرافق الاخرى للمسكن ، والمشرع عادة مايتم تسقيف نصفه الاول ويترك النصف الثانى مكشوفا وهو الجزء الذى يقع به الفرن والمطبخ والحمام ومكان تربية الدواجن والطيور المنزلية ، ولدى السكان ميسورى الحال يوجد حوش للمنزل يسمى ( مسطاح ) وهو بمثابة حديقة منزلية تزرع به بعض انواع الخضر للاستهلاك المنزلى
وكما ذكرنا ، تقع غرف النوم كلها على جانبى المشرع فى الجزء المغطى منه –
ولجميع الغرف نوافذ وفتحات تطل على المشرع داخل المنزل
وقديما كانت الخطوة الاولى فى عملية بناء المسكن هى حفر البئر الخاصة بالبيت داخل زمام البناء ، حيث الحاجة الى الماء القريب لضرب الطوب اللبن الذى يتعاون فيه اهل الواحة مع بعضهم البعض بنظام يطلق عليه ( التبييته ) وهو نظام لايزال قائما حتى الان ، والتبييته تعنى ان يساعدنى احد الجيران او الاقارب بارسال رجل او اثنين لمشاركتى فى اعمال بناء اوانجاز عمل زراعى موسمى يحتاج الى عمالة تفوق قدراتى المحدودة ، وتعد هذه المشاركة والمعاونة دينا يجب رده فى وقته المناسب –
وفى الواحات البحرية كانت تتم عملية بناء اساس الحوائط بالحجر الرملى المتوافر فى الهضبة الموجودة شمال الواحة ، بينما تشيد الجدران بالطوب اللبن
وتتم عملية ضرب ( صناعة ) الطوب اللبن اولا بعمل العجينة الطينية المكونة من الطفلة المخلوطة بتربة ملحية واضافة قليل من تبن القمح ثم مزج هذا الخليط بالماء مع التقليب المستمر بالفأس ثم يترك حتى مرحلة الاختمار( ست ساعات تقريبا) بعدها تتم عملية الضرب بوضع الطينة فى قالب خشبى تكون مقاساته عادة 30سم للطول و 15سم للعرض و10سم ارتفاع ويضرب الطوب متراصا فى صفوف متجاورة حتى يسهل معرفة عدده
يترك الطوب لثلاثة ايام حتى يجف ثم يتم تقليب الطوب على الاجناب لاتمام الجفاف على اشعة الشمس
يقوم بالبناء احد محترفى هذه المهنة وهم كثرة فى المنطقة يعاونه البعض من الرجال غير المحترفين
وتوجد فى الباويطى الكثير من المساكن التقليدية التى شيدت بالحجر الرملى، خاصة الجدران الخارجية المحيطة بالداربينما تبنى الحوائط الداخلية بالطوب اللبن الذى يتناسب تماما مع الظروف المناخية للمنطقة وخاصة فى فصل الصيف شديد الحرارة ، ويكتفى ابناء الطبقة الدنيا والمتوسطة بتشييد الاساس فقط من الحجروالاكتفاء بالطوب اللبن فى تشييد باقى الحوائط الداخلية والخارجية للمنزل
ويستخدم الجير الابيض فى دهان الحوائط الداخلية ، ويخلط معه اكسيد الحديد الاحمر المتوفر فى المنطقة لدهان الحوائط الخارجية
وفى اقامة الاسقف تستخدم الخامات البيئية دون غيرها ، فالسقف يقام برص جريد النخل بعد سلخ اوراقه فوق اعمدة عرضية من افلاق النخيل والتى يطلق عليها محليا اسم ( مجراد ) او (اعواد ) من خشب شجر الزيتون ثم يغطى السقف بطبقة عازلة من الطين ، وهناك عدة اشكال مختلفة تعطى تكوينا جماليا للسقف من خلال اسلوب رص الجريد وربطه بطرق هندسية متعددة مما يضفى شكلا جماليا للاسقف
والمسكن التقليدى فى الواحات البحرية نادر الفتحات المطلة على الشارع وذلك حفاظا على العادات والتقاليد التى تراعى حرمة الداخل ، وغالبا ما تكون الغرفة المطلة على الشارع هى ( المنضرة ) التى تستقبل الضيوف وليست لنوم احد من اهل الدار
والمشرع فى بيت الواحات البحرية له استخدامات عديدة حيث هو المساحة الاكبر فى الداخل ، وبالتالى فانه يسمح بممارسة كافة الانشطة المنزلية ، خاصة انه ينقسم الى قسمين احدهما مكشوف للشمس والاخر مغطى يوفر مساحة من الظل – كذلك من اهم وظائف المشرع هو فتح نوافذ وفتحات الغرف على صحنه مما يضمن تهويتها واضاءتها دونما الحاجة الى نوافذ وفتحات تطل على الشارع
اما العمارة الحديثة فى الواحات البحرية فى الوقت الحالى فهى تستخدم الاسقف والاعمدة الخرسانية بديلا عن اسقف الجريد وفى الحوائط يستخدم الطوب الابيض المستورد من محاجر المنيا ، حيث تعد الواحات البحرية من المناطق القليلة التى تجيد توظيف هذا النوع من الطوب الارخص نسبيا فى الاسواق _
ولعل اهم ما يميز النمط المعمارى الجديد فى هذه المنطقة هو اقامة سلم ( طائر ) خارج المبنى للوصول الى الدور العلوى
ويتجلى العامل الطبقى فى عمارة المسكن بالواحات البحرية من خلال ما يسمى بالغرفة ، وهى حجرة منفردة فى الطابق الثانى ، لا يبنيها سوى الاغنياء من الطبقة العليا فى الواحة ، وعادة ما تكون هذه الغرفة لرب الاسرة ، ونظرا لارتفاعها عن سطح الارض والشارع فانها تتمتع بفتحات ونوافذ من كل الاتجاهات
ونظرا لعدم السماح بالنوافذ والفتحات المطلة على الشارع والحاجة الى الاضاءة والتهوية ، فقد لجأ المبدع الشعبى للتغلب على ذلك بعمل فتحات زخرفية بتشكيلات مثلثة من الطوب اللبن فى اعلى الجدار المطل على الشارع ، وبالتالى تؤدى هذه الفتحات وظيفتين الاولى نفعية ، والاخرى جمالية
اماعن النقوش الجدارية فقد اختفت تقريبا من المنطقة ، حتى ان نقوش الحج على جدران المنازل قد اندثرت وحلت محلها الرايات التى تدق فى اعلى جدار
الواجهة للبيت للدلالة على اداء احد اصحاب البيت لفريضة الحج او العمرة ، وان كنا قد وجدنا بعض نقوش الحج المتميزة على جدران الكتلة السكانية القديمة مما يدل على تواجد قديم لمثل هذه الفنون الجدارية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق