واقع
تدريس الجغرافيا
----------------------
الجغرافيا ليست معلومات مسطرة عن الدول والبلدان ، وهي ليست خرائط تضاف إلى الكتب لزيادة حجمها ولتضفي عليها لقبها ، إنها موجودة معنا حيث نعيش ، في البيت والمحلة والقرية والمدينة والبلد والعالم والكون . أنها الهواء والماء والأرض والإنسان والنجوم. أنها ما يفكر به الجميع سواء أ كانوا مختصين بالجغرافيا أم لا. فجميع قراراتنا اليومية ذات بعد مكاني، والجغرافيا هي دراسة التباين المكاني - التنظيم المكاني لكل متطلبات الحياة .
لقد بدأت الجغرافيا وجودها كمعرفة وكعلم في الميدان (ومازالت)، ولكن عشاق الغرف المغلقة قتلوا اعز شيء فيها، (جوهرها العملي التطبيقي)، بجعلها حبيسة الجدران، سامحهم الله على فعلتهم هذه. والأدهى والأمر إن أجيالا قد تعودت على ظلمة الغرف ولم تخرج إلى الميدان لترى الجغرافيا في وضح النهار في الجوار. لقد جعلت السفرات العلمية للتنزه والنظر إلى الطبيعة دون استجلاء معانيها الجغرافية . تعرفت على الجغرافيا في القاعة وتجاهلتها خارجا نتيجة قصور في التوجيه والتدريب المنهجي والعملي .
إن تدريس الجغرافيا بصيغة معلومات تحفظ ذهنيا دون تلمسها ميدانيا لا يفقدها قيمتها كعلم فقط ، بل يجعلها عقيمة لا حاجة لإضافتها إلى المواد الدراسية لأنها مضيعة لوقت التلاميذ والطلبة وضياع جهد المعلمين والمدرسين. وفي الواقع إن هذه الطريقة من التعليم شائعة في الدول النامية فقط، أما الدول المتقدمة فيعد التدريب العملي والميداني جزءا أساسيا من البرنامج التعليمي ومن صلب متطلبات نيل شهادة الدراسة الثانوية . ونظرا لجهل العديد من حملة الشهادات العلمية العليا، (في الدول النامية على وجه الخصوص)، أساسيات العمل الميداني، لذا فقد جاء تدريس الجغرافيا في جامعاتها امتدادا لسياقات تعليمها في الثانوية. تعليم مقصور وغير ناجز، وحيث لا يليق بأستاذ الجامعة أن يخرج إلى الحقل وتتسخ ملابسه وتقل هيبته، منصة ألقاء المحاضرة مكانه المناسب الوحيد.
ويزداد الأمر سوء بكتابة بحوث معمقة لنيل شهادة عليا فيها إلى قيام الطالب بدراسة ميدانية ، وعند مناقشته تتضح الأخطاء الفادحة التي وقع بها جراء الجهل في قواعدها وأسسها، وإتباعه أسهل الطرق في تسطير معلومات يصعب التحقق من صحتها ودقتها، مما يؤدي إلى إلغاء أية فائدة مرجودة من دراسته. فالبدايات خاطئة ، والمدخلات غير صحيحة وبالتالي النتائج مرفوضة بكل ضوابط مناهج البحث العلمي ومعاييره . ولكن وللاسف الشديد الشهادة الاكاديمية تمنح، ويقوم حاملها بالتدريس في الجامعة وفق السياقات الخاطئة التي تعودها ، وقد يحصل على موقع قيادي لسبب ما ، وحينها يكون سادنا على (باب العلم) الذي لا يعرف منه إلا النزر اليسير. لقد جاء هذا المقال نتيجة المعايشة اليومية للمشكلة المنوه عنها أعلاه ، ونظرا لندرة الكتابات الحديثة عن الدراسة الميدانية فقد اعتمدت مصادر قديمة. فالكتابات الحديثة قد ركزت على تقنيات التحسس النائي وليس التلمس الميداني . ولكي تتحسس علينا أن نتلمس أولا. وقد لا يعرف البعض. إن فهم نتائج التحسس النائي مبني على الملاحظة والدراسة الميدانية . فكيف نتحسس عن بعد الأرض التي تعيش عليها قبل أن نتلمسها ونتفحصها عن قرب؟ إنهما وجها عملة واحدة هدفها استيعاب ما يجري في البيئة التي نعيش فيها . لقد عادت دورة العلم إلى الدراسة الميدانية التي مازلنا لم نبدأها بعد.
----------------------
الجغرافيا ليست معلومات مسطرة عن الدول والبلدان ، وهي ليست خرائط تضاف إلى الكتب لزيادة حجمها ولتضفي عليها لقبها ، إنها موجودة معنا حيث نعيش ، في البيت والمحلة والقرية والمدينة والبلد والعالم والكون . أنها الهواء والماء والأرض والإنسان والنجوم. أنها ما يفكر به الجميع سواء أ كانوا مختصين بالجغرافيا أم لا. فجميع قراراتنا اليومية ذات بعد مكاني، والجغرافيا هي دراسة التباين المكاني - التنظيم المكاني لكل متطلبات الحياة .
لقد بدأت الجغرافيا وجودها كمعرفة وكعلم في الميدان (ومازالت)، ولكن عشاق الغرف المغلقة قتلوا اعز شيء فيها، (جوهرها العملي التطبيقي)، بجعلها حبيسة الجدران، سامحهم الله على فعلتهم هذه. والأدهى والأمر إن أجيالا قد تعودت على ظلمة الغرف ولم تخرج إلى الميدان لترى الجغرافيا في وضح النهار في الجوار. لقد جعلت السفرات العلمية للتنزه والنظر إلى الطبيعة دون استجلاء معانيها الجغرافية . تعرفت على الجغرافيا في القاعة وتجاهلتها خارجا نتيجة قصور في التوجيه والتدريب المنهجي والعملي .
إن تدريس الجغرافيا بصيغة معلومات تحفظ ذهنيا دون تلمسها ميدانيا لا يفقدها قيمتها كعلم فقط ، بل يجعلها عقيمة لا حاجة لإضافتها إلى المواد الدراسية لأنها مضيعة لوقت التلاميذ والطلبة وضياع جهد المعلمين والمدرسين. وفي الواقع إن هذه الطريقة من التعليم شائعة في الدول النامية فقط، أما الدول المتقدمة فيعد التدريب العملي والميداني جزءا أساسيا من البرنامج التعليمي ومن صلب متطلبات نيل شهادة الدراسة الثانوية . ونظرا لجهل العديد من حملة الشهادات العلمية العليا، (في الدول النامية على وجه الخصوص)، أساسيات العمل الميداني، لذا فقد جاء تدريس الجغرافيا في جامعاتها امتدادا لسياقات تعليمها في الثانوية. تعليم مقصور وغير ناجز، وحيث لا يليق بأستاذ الجامعة أن يخرج إلى الحقل وتتسخ ملابسه وتقل هيبته، منصة ألقاء المحاضرة مكانه المناسب الوحيد.
ويزداد الأمر سوء بكتابة بحوث معمقة لنيل شهادة عليا فيها إلى قيام الطالب بدراسة ميدانية ، وعند مناقشته تتضح الأخطاء الفادحة التي وقع بها جراء الجهل في قواعدها وأسسها، وإتباعه أسهل الطرق في تسطير معلومات يصعب التحقق من صحتها ودقتها، مما يؤدي إلى إلغاء أية فائدة مرجودة من دراسته. فالبدايات خاطئة ، والمدخلات غير صحيحة وبالتالي النتائج مرفوضة بكل ضوابط مناهج البحث العلمي ومعاييره . ولكن وللاسف الشديد الشهادة الاكاديمية تمنح، ويقوم حاملها بالتدريس في الجامعة وفق السياقات الخاطئة التي تعودها ، وقد يحصل على موقع قيادي لسبب ما ، وحينها يكون سادنا على (باب العلم) الذي لا يعرف منه إلا النزر اليسير. لقد جاء هذا المقال نتيجة المعايشة اليومية للمشكلة المنوه عنها أعلاه ، ونظرا لندرة الكتابات الحديثة عن الدراسة الميدانية فقد اعتمدت مصادر قديمة. فالكتابات الحديثة قد ركزت على تقنيات التحسس النائي وليس التلمس الميداني . ولكي تتحسس علينا أن نتلمس أولا. وقد لا يعرف البعض. إن فهم نتائج التحسس النائي مبني على الملاحظة والدراسة الميدانية . فكيف نتحسس عن بعد الأرض التي تعيش عليها قبل أن نتلمسها ونتفحصها عن قرب؟ إنهما وجها عملة واحدة هدفها استيعاب ما يجري في البيئة التي نعيش فيها . لقد عادت دورة العلم إلى الدراسة الميدانية التي مازلنا لم نبدأها بعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق